قصة حقيقية: لمّا يبتكر شخص واحد ليغييّر مسار العالم


كان يوم عادي للنجار الفنان ريتشارد فان اللي بدأ بالعمل داخل ورشته الخاصة بقطع عدة ألواح خشبية تحضيرًا لمشاريعه القادمة، وبغمضة عين فقد أربعة من أصابع يده اليمنى في حادث عمل مؤسف. حاول ريتشارد يتماسك وينظر للأسفل لتتوسع حدقة عينه برعب شديد، ويتحول أسوأ كوابيسه لحقيقة لما اكتشف أنه خسر أربعة من أصابع يده اليمنى.

 

دوافع الأبطال


إذا تعرض أغلب الناس لمصيبة ريتشارد، بيحسون انها كارثة ونهاية أعمالهم وبداية لرحلة من المعاناة والآلام، لكن ريتشارد بروحه المتفائلة والطموحة ما جا الإحباط في باله وفكرته الوحيدة لما كان بالمستشفى كانت "هذي أعظم فرصة جتني عشان اصنع اصابع جديدة لنفسي"!  

 

أصر ريتشاد على الخروج من المستشفى مباشرة، ووافق الأطباء "على مضض" في اليوم التالي على مطالبه، ريتشاد ما أخذ حتى يوم واحد ليرتاح بعد ما وصل لورشته بدأ مباشرة بإكمال عمله بعد مواجهة الآلة المرعبة اللي قطعت أصابعه قبل يوم واحد فقط.

 

الشجاعة هي الأساس 


واجه ريتشارد مخاوفه بشجاعة فائقة وقدر يشغّل المنشار و ينهي مشروعه بالوقت المناسب ويسلمه بالوقت المحدد. كان هذا المشروع هو أكبر معزز لثقة ريتشارد وهو اللي أقنعه أنه بيتعافى ويستمر بمهنته ويحقق شغفه.
بروحه القوية قدر ريتشاد يخفف ضغط أعماله ويفرغ وقت في يومه عشان يركز على مشروعه الخاص.

 

طموح جديد ينطلق! 


بدأ ريتشارد رحلة البحث عن طريقة لاستبدال أصابعه المفقودة، واتجه طبعًا لمحركات البحث اللي وسعت مداركه لمعاناة أشخاص آخرين مثله. ولم يفقد ريتشارد الأمل واتصل بمئات الأشخاص والشركات في محاولات حثيثة لإيجاد المساعدة في مشروعه الطموح.


أخيرًا، بعد بحث غير مثمر دام ستة أشهر، وجد ريتشارد منقذ لأحلامه في فيديو ابداعي يعرض فيه الامريكي إيفان أوين يد ميكانيكية كبيرة تعمل بكفائه صنعها اوين ليعرض قدراته التصميمية والهندسية السابقة لزمنها.

 

المبتكر ايفان اوين وهو يرتدي أحد ابتكاراته لأيادي مصنوعة من الخشب

 

مخّين أحسن من مخ واحد


ريتشارد الخجول استجمع شجاعته ليرسل لأوين الأمريكي سائلًا عن إمكانية التعاون في صنع يد ميكانيكة تعمل بكفاءة لطفل تعرّف عليه من احد الجمعيات الخيرية التي تعتني بالأطفال ذوي التشوهات الخلقية في أطرافهم.

 

إحدى الرسومات الأولية التي عمل عليها الشريكين لآلية عمل اليد الصناعية


يقول أوين "كنت دائمًا مهتمًا بالغرابة الميكانيكة، لكن ما تخيلت أن ابتكاراتي العجيبة ممكن تُستخدم لمساعدة الناس"، بتردد وبعد قراءة رسالة ريتشارد أكثر من خمس مرات وافق اوين على التعاون اللي امتد بين شخصين في قارات مختلفة وعلى بعد أكثر من 16 الف كيلو.


العالم يشّهد على تقدّم المشروع


كان مشروع ريتشارد و أوين يشهد اهتمام عالمي، كونه يضع لبنات لعالم جديد وإمكانيات لفئة مُهملة في المجتمع وبفضل موقعهم اللي يضيفون فيه كل تصاميمهم قدروا يحسنون تصاميمهم ويطورونها بسرعة مذهلة بمساعدة مهندسين وفنانين من حول العالم.


وفي بداية 2013 أطلق الشريكين أول نموذج أولي ليد صناعية بديلة تعمل بكفاءة و أتاحوا جميع ملفاتها للمجتمع بحيث يقدر أي شخص يصنعها باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد وإلى الآن حمّل هذي الملفات أكثر من 100 ألف شخص.

 

من النجارة إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد


تبنى الشريكين من بداية المشروع وسائل مبتكرة كثيرة واستقرّوا في النهاية على الطباعة ثلاثية الأبعاد اللي مكنّتهم من مشاركة الملفات بينهم والعمل على حل تحديات صناعة الأطراف معًا. 


وفتحت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد باب لهم لمساعدة أشخاص أكثر كونها تسمح لهم بتعديل الطرف الصناعي عشان يضبط على كل شخص بتكلفة بسيطة وما تتجاوز تكلفة اليد الكاملة للشخص البالغ ألفين دولار وتنطبع خلال خمس ساعات لكن يستغرق تجميعها أكثر من 10 ساعات لأجزائها الدقيقة ومكوناتها الميكانيكية. 

 

أول طفل ساعده الشريكين لصناعة يد صناعية تعمل بكفاءة في حياته اليومية


واليوم شعبية اليد الآلية تزيد بسرعة، وفي فترة ما وصلت قائمة الانتظار للطلبات لثمانية أشهر، وتخدم جمعية Robohand الخيرية أي فرد يعاني من إعاقة في يديه وتمكنّهم عبر جهاز مساعد آمن وفعّال.

الختام

وبكذا صنعت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد الأثر في حياة العديد من الأشخاص ومكنّتهم بعد الله -عز وجل- من استخدام أطرافهم بشكل طبيعي والتغلب على تحدياتهم اليومية.
اشترك في مدونتنا